تعاني مصر في السنوات الاخيرة من نقص شديد في موارد المياه و يعد عدم الاستخدام الرشيد للمياه وبخاصة في الاستخدامات المنزلية والتجارية من العوامل التى تؤدى لتفاقم الأزمة ، و تواجه مص عجزاً مائيا يقدر بسبع بليون متر مكعب سنويا . وتؤدى الزيادة السكانية السريعة إلى زيادة الاحتياجات المائية للاستهلاك المحلي ، ومن ثم فالأمر يتطلب نظرة مختلفة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية ، وقد ظهر في مصر خلال السنوات الأخيرة مفهوم إعادة استخدام المياه الرمادية GREY WATER كوسيلة لتعظيم الاستفادة من المياه ولكن ما زالت التجربة في بدايتها. وهناك تجارب دولية ناجحة في هذا الصدد ، وسنحاول في ICS Magazine إلقاء الضوء على مفهوم المياه الرمادية وأهميته وكذلك بعض التجارب الدولية والعربية فى هذا الصدد .

تعرف مياه الصرف الصحى بأنها ناتج الاستخدام الآدمي للمياه بعد تلوثها بالمواد العضوية ، والدهون ، والصابون، والمنظفات ، والشعر ، والبكتيريا ومواد أخرى . تنقسم مياه الصرف الصحي إلى ثلاثة أقسام :

1- المياه الرمادية GREY WATER

وهي ناتج المياه المستخدمة ما عدا مياه المراحيض، وهي بالتحديد مياه المغاسل، ومياه الاستحمام ، ومياه غسيل الملابس، ومياه المطابخ ، ومياه غسالات الصحون وغيرها ، وبالرغم من أن هذه المياه لم تعد نظيفة إلا أن نسبة تلوثها تكون أقل بكثير من نسبة تلوث مياه المراحيض. ومن الممكن معالجة المياه الرمادية بسهولة نسبية وفي نفس موقع إنتاجها، ومن ثم إعادة استخدامها في بعض الات مثل غسل المراحيض وري الحدائق. ولقد قدّرت دراسات أقيمت في بلدان مختلفة أن كمية المياه الرمادية المنزلية التي يمكن إعادة استخدامها قد تشكل 35% من إجمالي كميّة المياه التي يستهلكها المنزل. كذلك يمكن إعادة استخدام المياه الرمادية التي تنتج عن أبنية غير سكنيّة مثل المطاعم والفنادق والمدارس وغيرها من المباني العامة. وتعتبر المياه الرمادية الناتجة عن مغاسل الوضوء في المساجد تعتبر أنقى من المياه الرمادية المشار إليها أعلاه، وبالتالي يمكن إعادة استخدامها في صناديق الطرد والزراعة، بعد معالجتها بطرق بسيطة غير مكلفة اقتصادياً، وهي تشكل مورداً لا يستهان به يمكن أن يحل محل جزء من المياه العذبة ويقلل من الطلب الإجمالي على المياه.

2- المياه السوداء Black Water
وهي المياه الناتجة من استخدام المراحيض ، التي تحتوي على كميات كبيرة من الملوثات العضوية الناتجة من الفضلات الآدمية .
3- مياه الصرف الصحي SEWAGE WATER
وهي خليط من المياه الرمادية والسوداء .
لماذا اختيار المياه الرمادية ؟
-1 تشكل تلك المياه نسبة تقارب من 55% إلى 74% من المياه المستخدمة في المباني.
-2 تحوي نسبة تلوث منخفضة من المواد العضوية والنيتروجين) النيترات ، النيتريت (وكذلك الجراثيم والميكروبات، وبالتالي فإنه من السهولة التعامل معها خلال مراحل التنقية
-3 انخفاض تكاليف معالجتها مقارنة بمياه الصرف الصحي.
-4 تقبل الإنسان لإعادة استخدام تلك المياه.
-5 تدويرها وإعادة استخدامها غير ضار بالبيئة والصحة ، إذا طبقت الشروط والمواصفات المحددة.
 

كيفية عمل نظام للمياه الرمادية

ويقوم مبدأ نظام المياه الرمادية على استعمال نظام ثنائي لمواسير شبكة الصرف يفصل المياه السوداء ( المياه الخارجة من المراحيض والشطافات التابعة لها ومياه مغاسل المطابخ) عن المياه الرمادية، حيث يتم تحويل المياه السوداء إلى خزان التحليل المستخدم للقطاع المنزلي أو نظام الصرف الصحي العام للقطاعين التجاري والصناعي (إن وجد ). ويجب استعمال نظام مياه رمادية منفصل لكل موقع (أو منزل) بدلاً من تجميع المياه الرمادية التي يصدرها أكثر من منزل أو موقع في نظام واحد مشترك وذلك لصعوبة التحكم بنوعية المياه الرمادية التي قد تصدرها المواقع الأخرى .
 

استعمالات المياه الرمادية

- ان المياه الرمادية مناسبة لري بعض الأشجار ونباتات الزينة ويستحسن أن تكون المناطق المروية منخفضة عن مستوى مصدر المياه الرمادية، وذلك حتى يمكن استخدام نظام الري بالاعتماد على الجاذبية ودون الحاجة إلى اللجوء إلى مضخة آلية, في حال استخدام نظام الري بالتنقيط، يجب أن لا يقل قطر فتحة خرطوم المياه عن 3 ملم وذلك لمنع انسداد الفتحات نتيجة ترسب المواد الصلبة الموجودة في المياه الرمادية أو نمو الطحالب في الخرطوم. كذلك يمنع استخدام الرشاشات للري بالمياه الرمادية
- إذا تم استخدام المياه الرمادية دون معالجة، فيجب تفادي استعمالها لري المناطق المعرّضة للتلامس مع الأشخاص بكثرة.
- في قطاع الفنادق والمنتجعات السياحية الكبيرة يستحسن عدم استعمال المياه الرمادية لري النجيل، إلا إذا كانت منطقة النجيل تخدم غايات جمالية فقط وبعيدة عن متناول الأطفال ، وإذا تم استعمال المياه الرمادية لري النجيل أن يتم ذلك من خلال نظام ري تخرج المياه منه تحت سطح الأرض.
- يجب حصر استعمال وسائل الري التي تخرج المياه منها فوق سطح الأرض في الأماكن غير المعرضة للتلامس مع الأشخاص والمواشي.
 

معالجة المياه الرمادية :

المياه الرمادية نظيفة نسبياً قد لا تحتاج إلى أي معالجة ويمكن استخدامها مباشرة لري الأشجار ونباتات الزينة في حال استخدام نظام معالجة لها يجب أن تمر المياه الرمادية بنظام فلترة ثم إلى خزان قبل وصولها إلى النباتات وذلك تفاديا لتجمع المياه على سطح التربة في حال تدفق مياه رمادية بصورة مفاجئة وتكون مواصفات الخزان العامة كالآتي :
• يجب أن يكون الخزان من مادة صلبة غير ممتصة للمياه ومقاومة للتآكل.
• يجب أن يكون الخزان مصمت.
• يجب أن يتم اختيار حجم الخزان بحيث لا تزيد فترة تخزين المياه عن 24 ساعة.
• يجب استخدام الإشارات التحذيرية عند خزانات المياه الرمادية وجميع الأنابيب الناقلة للمياه الرمادية.
• في حال استخدام خزان تحت مستوى سطح الأرض يجب أن يكون مستوى الخزان أعلى من مستوى شبكة الصرف

التجربة المصرية :

يتم استخدام المياه الرمادية في بعض الدول المتقدمة كمصدر إضافي للمياه حيث يتم استغلالها في كافة القطاعات كالقطاع المنزلي والصناعي والتجاري. أما في مصر ولكون تجربة المياه الرمادية ما زالت في مراحلها الأولية فقد بدأت محاولات استخدامها على استحياء في بعض الأماكن الفندقية والتجارية وببعض الأحياء السكنية الجديدة " الكمبوندات " ، كذلك قامت وقعت وزارة الإسكان ، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، في شهر مارس الماضى، بروتوكول تعاون مع مؤسسة مصر الخير ومركز تطوير المشروعات وتكنولوجيا الأبحاث العلمية، بهدف إعادة استخدام المياه الرمادية بمدينتي السادات و15 مايو. ويقول المهندس كمال فهمي، نائب رئيس الهيئة لقطاع تنمية وتطوير المدن ، إن التوقيع تم برعاية الوحدة المركزية للمدن المستدامة والطاقة المتجددة بهيئة المجتمعات العمرانية؛ لتنفيذ نموذجين لإعادة استخدام المياه الرمادية بمدينتي السادات و15مايو، بتمويل من مؤسسة مصر الخير تمهيدًا لتعميم التجربة في المدن الجديدة، مشيرًا إلى أن معالجة هذه المياه ستسهم بنسبة كبيرة في توفير المياه والحفاظ على بيئة مستدامة. وأوضح فهمي أنه سيتم تطبيق النظام بإحدى مدارس التعليم الأساسي تحت الإنشاء بمدينة السادات والمبنى الإداري لجهاز المدينة، مشيرًا إلى أنه تم تنفيذ نموذج أولي للاستخدام المستدام للمياه الرمادية في صناديق الطرد والزراعة ورى الحدائق بجامع صلاح الدين بمحافظة المنيا، وجاءت بعض النتائج والدراسات إلى أن نسب استهلاك المياه الرمادية في المساجد تمثل 90% من استهلاك المياه في المسجد ، ويمكن إعادة استخدام هذه المياه مرة أخرى بكفاءة ٨٠ إلى 90% تقريبا، وهو ما يعنى إعادة تدوير من ٧٠ إلى 75% من إجمالي استهلاك الماء في المساجد، وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض استهلاك المياه وتقليل كمية المياه السوداء التي يتم ضخها إلى محطات معالجة المياه، وبالتالي فإن معالجة هذه المياه ستسهم في توفير نسبة أكبر من المياه وبالتالي الحفاظ على بيئة مستدامة.