هو واحد من أهم وأجمل وأشهر المساجد فى مصر وهو تحفة فنية رائعة وقد خلد هذا المسجد إسم والى مصر محمد على والذى أمر ببنائه عام 1830 كما يسمي أيضاً جامع المرمر وهو نوع من أنواع الرخام النادر
الذى كسي به،
وقد تسببت الشهرة الكبيرة لمسجد محمد على باشا الموجود بقلعة صلاح الدين الأيوبى، فى تسمية القلعة نفسها بقلعة محمد على باشا. فهو أكثر معالم القلعة شهرة وقد ذكرت المصادر والمراجع المختلفة إنه ما أن أتم محمد على باشا إصلاح قلعة صلاح الدين الأيوبي وفرغ من بناء قصوره ودوواين المالية والجهادية وعموم المدارس ودار الضرب رأى أن يبني جامعاً كبيراً بالقلعة لأداء الفرائض وليكون به مدفناً يدفن به، وقد ذكر باسكال كوست المعماري الفرنسي فى مذكراته أن محمد على باشا طلب منه تصميم جامع بالقلعة سنة 1820 م ولكن المشروع توقف ولم يشرع فى بناء الجامع إلا سنة 1830 م وفقا لتصميم مهندس معماري أخر تركي هو المهندس « يوسف بوشناق « الذى وضع تصميمه على غرار جامع السلطان أحمد بإسطنبول مع بعض التغييرات الطفيفة . وكان المشروع فى إنشاء الجامع سنة 1246 ه / 1830 م وإستمر العمل سائراً بلا إنقطاع حتى توفي محمد على باشا إلى رحمة الله تعالي سنة 1265 ه / 1848 م ودفن فى المقبرة التى أعدها لنفسه بداخل الجامع وقد بنى هذا الجامع على أنقاض قصر الأبلق والإيوان الذى بناه الناصر محمد بن قلاوون والقاعة الأشرفية التى تنسب إلى الأشرف خليل بن قلاوون . كان بناء الجامع كاملاً من أسوار وقباب ومآذن وكتابات تعلو الشبابيك الخارجية بما فيها كسوتها الرخامية أما أعمال كسوة الرخام بالواجهات فلم يكن قد تم منها إلا القسم السفلي حتى الباب القبلي للصحن ولما تولى عباس باشا الأول الحكم سنة 1265 ه / 1848 م أمر بإتمام أعمال النقش والتذهيب وبعض أعمال الرخام بالجامع كما أمر بعمل تركيبة رخامية ومقصورة نحاسية كما أمر بتعيين القراء ورصد الخيرات على الجامع ، وعندما تولى محمد سعيد باشا الحكم سنة 1270 ه / 1853 م رصد له خيرات كثيرة وقرر عمل إحتفالات رسمية لمدة خمس ليال كل عام هى ليلة الإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان ثم ثلاث ليال من شهر رمضان المعظم هى ليلة 13 وهى ذكرى وفاة محمد على باشا وليلة 14 وفيها تم دفنه بمدفنه بالجامع ثم ليلة القدر ، وفى عهد الخديوى إسماعيل باشا سنة 1280 ه / 1863 م تم عمل أبواب جديدة بسماعات نحاسية وأحاطه بأسوار وأنشأ له دورة مياه، وفى عصر الخديوى توفيق باشا سنة 1296 ه / 1879 م أمر بإصلاح رخام الصحن وإعادة ألواح الرصاص التى كانت تغطي القباب .
وفى عصر الملك فؤاد قامت لجنة حفظ الآثار العربية بإزالة القبة الكبيرة وما حولها من أنصاف قباب وقباب صغيرة وإعادة بناءها بعد عمل صلبة عبارة عن هيكل من الصلب المجمع يكون فى مجموعه عدة أبراج مستقلة وعقود تشييد لهدم القبة القديمة، وقد روعي فى تصميم إعادة العقود وغيرها الأبعاد المعمارية الأصلية كما أحتفظ بسمك القباب القديمة وذلك بعمل قباب مفرغة حتى تحتفظ بشكلها القديم ، كما روعي عند إعادة الزخارف أن تكون مثل القديمة تماما .
التخطيط المعمارى:
التخطيط المعماري لجامع محمد على باشا هو عبارة عن مساحة مستطيلة تنقسم إلى قسمين الأول وهو القسم الشرقي وهو المكان المعد للصلاة والغربي وهو الصحن وتتوسطه فسقية للوضوء ولكل من القسمين بابين أحدهما جنوبي والأخر شمالى .ويتكون القسم الشرقى للجامع من مساحة مربعة الشكل طول كل ضلع من أضلاعها 41 مترا تتوسطها قبة قطرها 21 متراً وإرتفاعها 52 متراً من مستوي أرضية الجامع محمولة على أربعة عقود كبيرة محمولة على أربعة أكتاف مربعة يحيط بها أربع أنصاف قباب بالإضافة إلى نصف قبة فى مستوي أقل تغطي المحراب بالإضافة إلى أربع قباب صغيرة بأركان الجامع، وقد كسيت جدران الجامع الداخلية والخارجية وكذلك الأكتاف الأربعة الداخلية الحاملة للقبة إلى إرتفاع 11 متراً بالرخام الألبستر المجلوب من محاجر بنى سويف، ويعلو مدخل الباب الغربي المؤدى إلى الصحن دكة للمؤذنين بعرض المسجد مقامة على ثمانية أعمدة من الرخام فوقها عقود، وبدائر الجامع من أسفل شبابيك كتب على أعتابها أبيات من قصيدة البردة للبوصيري، أما محراب الجامع فمن الرخام الألبستر يجاوره منبر رخامي من الرخام الألبستر المطعم بالرخام الأحمر ويرجع تاريخه إلى عصر الملك فاروق الأول أما المنبر الأصلي للجامع فيجاور المنبر الرخامي وهو من الخشب ويرجع تاريخه إلى عصر محمد على باشا وهو من أكبر المنابر الموجودة بمصر وقد زخرف بزخارف مذهبة وقد أحتوي على باب المنبر على توقيع الصانع حيث كتب « عملت بيد أحمد حسين جمال الدين فى سنة 1360 هجري.
وعلى الرغم من أن مهندس الجامع إقتبس من مسجد السلطان أحمد بالأستانة التصميم المعماري والواجهات وشكل المآذن إلا أن زخارف الجامع ترجع إلى طراز الزخارف التى سادت تركيا فى القرن الثامن عشر والتى عرفت باسم طراز الباروك و الروكوكو والذى يتمثل فى وجود أواني الزهور الملونة وبعض الفواكه وعناقيد العنب ، وقد حليت زوايا القباب بلفظ الجلالة الله، ومحمد رسول الله، وأسماء الخلفاء الراشدين بخط الفنان التركي « أمين أزمرلي « وهو من بلدة أمير بتركيا . ويمتاز جامع محمد على باشا بعدة مميزات معمارية وفنية جعلته متفردا فمئذنتيه شاهقتين إذ يبلغ ارتفاعها حوالي 84 مترا فإذا أضفنا إليها ارتفاع القلعة المشيد عليها الجامع فيبلغ حوالى 80 مترا وبهذا يصل ارتفاع المئذنتين إلى حوالى 164 مترا عند مستوى البحر ، كما نجد أن عدد المشكاوات التى توجد بهذا الجامع هو 365 مشكاة بعدد أيام السنة لوحظ أنها تعزف ألحانا موسيقية فى حالة الهدوء ، كما تميز الجامع بظاهرة صدي الصوت الظاهر عند ارتفاع الأصوات داخل بيت الصلاة لأنه كان يوجد عدد كبير من الزلع - أواني فخارية -الموضوعة على فوهاتها ولكن مع التجديد الذى تم فى عصر الملك فؤاد لم توضع فى أماكنها ، كما يقال أن خليج السويس والعقبة مرسومان بالرخام على جانبي دخلة المحراب ، كما يقال أيضا أن الرخام الذى كسيت به جدران الجامع الداخلية والخارجية شديد الشفافية فإذا أشعلت الضوء فى جانب هذا الرخام فسوف تشاهد الضوء من الناحية الأخرى. أما المقصورة التى دفن بها محمد على باشا فإنها تقع فى الركن الجنوبى الغربى للجامع وهى عبارة عن مقصورة نحاسية مذهبة جمعت بين الزخارف العربية والتركية والمصرية يتوسطها تركيبة رخامية بها قبر محمد على باشا وقد بطنت الجدران الداخلية للمقصورة بالحرير الأخضر الفاخر ومن مميزات هذه المقصورة أنها كاتمة للصوت بحيث أن من يقرأ القرآن بداخل المقصورة لا يسمعه من بالخارج .
ومن الباب الذى يتوسط الجدار الغربي للمسجد يتوصل إلى الصحن وهو فناء كبير مساحته 53 مترا * 54 مترا يحيط به أربعة أروقة ذات عقود محمولة على أعمدة رخامية تحمل قبابا صغيرة زخرفت من الداخل بالزخارف الملونة ومغشاة من الخارج بألواح من الرصاص مثل القبة الكبيرة ، أما الجهة الشرقية فتشرف على الجامع ومكتوب على أعتاب الشبابيك آيات من القرآن الكريم بالخط الفارسي وبوسط الصحن الميضأة أو الفوارة وهى عبارة عن قبة أنشئت سنة 1263 ه مقامة على ثمانية أعمدة من الرخام تحمل عقودا تكون شكلا منشورا ثماني الأضلاع فوقه رفرف به زخارف بارزة ويتوسط هذه القبة قبة أخرى رخامية مثمنة الشكل نقش على أضلاعها عناقيد العنب وبها آية قرأنية بالخط الفارسي ويتوسط الرواق الغربي بالصحن برج من النحاس المخرم والزجاج الملون بداخله ساعة أهداها لويس فيليب ملك فرنسا لمحمد على باشا سنة 1845 م مقابل المسلة الفرعونية التى تجمل ميدان الكونكورد فى باريس حاليا .